<- مكتبة الكابالا
الاستمرار في القراءة ->
مكتبة الكابالا

Ramchal

Agra

مكتبة الكابالا الرئيسية /

Rabash / فيما يتعلق بمحبة الأصحاب

 في موضوع محبّة الأصحاب
المقالة الثانية – 1984

أ. الحاجة إلى محبة الأصحاب
يجب أن نُدرِك أن محبة الأصحاب ليست أمرًا ثانويًا في العمل الروحي، بل هي حاجة جوهرية وأساسية.
فمن دون محبة الأصحاب لا يمكن للمرء أن يتقدّم في الطريق المؤدية إلى محبة الآخرين، والتي منها نصل إلى محبة الخالق.
وهذا هو الأساس الذي لأجله أُسِّسَت المجموعة الروحية، لكي نساعد بعضنا بعضًا في هذا الاتجاه، ولكي ينهض كل واحد بدعم رفاقه ويساعدهم على التغلّب على الأنانية والفردية.

ب. ما السبب الذي جعلني أختار هؤلاء الأصحاب تحديدًا؟ ولماذا اختارني الأصحاب أنا بالذات؟

ج. هل ينبغي لكل واحد من الأصحاب أن يُظهِر المحبة التي يحملها للجماعة؟
أم يكفي أن تكون لديه محبة في قلبه، ويعمل على موضوع محبة الأصحاب بسرّ واحتشام، ولذلك لا حاجة به لكشف ما في قلبه من مشاعر؟ كما هو معلوم، فإن السير بتواضع أمر عظيم.
أم نقول العكس: من الضروري أن يُظهر المحبة التي في قلبه نحو الأصحاب، لأن في هذا الإفصاح يُحدث تأثيرًا يُحرّك قلب صاحبه تجاه الأصحاب، حتى يشعر الجميع أن الكل يعمل في محبة الأصحاب.
والفائدة في هذا أنه بواسطته ينال قوّة أكبر للعمل بمحبة الأصحاب بمزيد من الشدّة والعزم، لأن قوّة المحبة لدى كل فرد تتداخل وتندمج مع صاحبه.
وبهذا، إذا كان لدى الشخص قوّة واحدة للعمل في محبة الأصحاب، فعندما تكون الجماعة مؤلفة من عشرة أشخاص، يصبح مشمولًا الآن في عشر قوى تدرك الحاجة إلى العمل في محبة الأصحاب.
أما إذا لم يُظهر كلّ واحد للجماعة أنه يعمل في محبة الأصحاب، فإنه يفتقد لقوة الجماعة، لأن من الصعب جدًا الحكم على صاحبه بالإيجاب، وكلّ واحد يظنّ في نفسه أنه هو البارّ، وأنه الوحيد الذي يعمل بمحبة الأصحاب.
فيتبيّن أن لديه قوة ضئيلة فقط ليعمل في محبة الغير.
ومن هنا النتيجة: أن هذا العمل بالذات يجب أن يكون ظاهرًا للعيان، لا في الخفاء.
ولكن يجب على الإنسان دائمًا أن يُذكّر نفسه بهدف الجماعة، وإلا فإن الجسد بطبيعته يُشوّش الهدف، لأن الجسد يهتم دائمًا بمنفعته الذاتية.
ويجب التذكّر بأن الجماعة قد تأسست على قاعدة الوصول إلى محبة الغير، والتي تُعتبر منصة القفز نحو محبة الخالق.
وهذا يكون فقط من خلال القول: "أنا أحتاج إلى الجماعة لكي أستطيع أن أُؤثّر في صاحبي دون أي مقابل."
أما إذا كان يحتاج إلى الجماعة لكي تُعطيه المساعدة والهبات وما شابه ذلك، فإن أوعية الاستقبال لدى الجسد تكون حينها راضية ومسرورة.
لكن جماعة كهذه مبنيّة على أساس محبة الذات، وجماعة كهذه لا تجلب له سوى تنمية أوعية الاستقبال لديه، لأنه يرى الآن أن هناك فرصة لتكبير ممتلكاته من خلال مساعدة صاحبه له في تحصيل المكاسب الجسدية.

بل يجب التذكير دائمًا بأن الجماعة قد تأسست على قاعدة محبة الآخرين؛ أي أن كل واحد وواحد يتلقّى من الجماعة روح محبة الغير، وكراهية الذات.
ومن خلال رؤيته لصاحبه وهو يجتهد في إلغاء ذاته وفي محبة الغير، فإن هذا يسبب أن يُدرِج كل واحد نفسه في نيّة صاحبه.
وبالتالي، كما قيل سابقًا، إذا كانت الجماعة مؤلّفة مثلًا من عشرة أصحاب، فإن كل واحد منهم يشترك في عشرة قوى تعمل على إلغاء الذات، وكراهية الأنا، ومحبة الغير.
أما إن لم يكن الأمر كذلك، وبقي الإنسان وحده فقط بقوة واحدة في محبة الغير، لأنه لا يرى أن الآخرين يعملون في هذا المسار – حيث أن الأصحاب يعملون بمحبة الغير بصورة خفية – فإن العكس هو ما يحصل: الأصحاب يؤثرون عليه سلبًا، فيفقد هو قوته في سلوك درب محبة الغير، ويبدأ بتقليد أفعالهم، وحينها يقع تحت سيطرة محبة الذات.

د. هل يجب على كل واحد أن يعرف ما ينقص صاحبه بشكل خاص، أي كلّ صاحب وصاحب، لكي يعرف كيف يمكنه أن يُكمل هذا النقص؟ أم يكفي أن يعمل بشكل عام في موضوع محبة الأصحاب؟
في هذا الأمر، يمكن القول إن العمل العام في محبة الأصحاب هو الأساس، ولكن إذا استطاع الإنسان أن يعرف النواقص المحددة لدى صاحبه، وكان قادرًا على ملئها، فهذا بالتأكيد أمر مبارك، لأنه يُظهر عناية دقيقة وحقيقية.
فالمحبة ليست شعورًا عامًا فقط، بل هي عمل فعلي يُترجم إلى مساعدة حقيقية.
ومع ذلك، فإن الأصل في الموضوع هو أن يُنمي الإنسان داخله الإحساس بمحبة الأصحاب، وهذا الإحساس العام يوجهه نحو الأفعال.
لكن إن وصل إلى مستوى يستطيع فيه أن يشعر باحتياجات كلّ صاحب من أصحابه على وجه الخصوص، ويعمل على سدّها، فهذه درجة أسمى في المحبة، ودليل على الترابط العميق بين القلوب.